بعد جائحة الكورونا أصبح تعرضنا لأي عدوى فيروسية أمرًا جائزًا، إذ أننا لم نتعرض لميكروب جديد، بل فيروس أصابه بعض التحوّر. وها نحن مع عدوى فيروسية ليست بالحديثة، ولكنها عادت تلوح لنا لتقول أنها موجودة، فهيا نبحث الإصابة بحمى الضنك.
مصطلحات في هذا المقال
حمى الضنك- الفيروسات المصفرة- البعوضة الزاعجة المصرية – ضائقة جنينية- حمى الضنك النزفية –
سبب التسمية بـ Dengue Fever
- يرجع تسمية الحمى بـ Dengue إلى كلمة أسبانية، وتعني الحذر
- وقيل أنها سميت كذلك نسبة إلى كلمة سواحيلية ka ding pepo وهي تعني الروح الشريرة!
- على كلٍّ عُربت كلمة “Dengue” إلى الضنك وقد تجدها في مصادر عربية أخرى باسم الدنج أو الدنجية أو الدنك، ويسمى المرض نفسه “حمى تكسير العظام”.
سبب الإصابة بحمى الضنك Dengue Fever
- بادئ ذي بدء، حمى الضنك مرض فيروسي يسببه فيروس الضنك (DENV) ويتسبب بها أربعة أنماط مختلفة لا تعطي الإصابة بإحداها مناعة من الإصابة بأخرى.
- تنتمي هذه الأنماط من الفيروسات إلى عائلة الفيروسات المصفرّة “Flavivirus”.
- يحتاج الفيروس إلى عائل وسيط كي ينتقل للإنسان وهو البعوض إذ تنتقل العدوى للإنسان إثر لدغة من بعوضة محملة بالفيروس.
تفشي الإصابة بحمى الضنك
- يبلغ عدد المصابين بحمى الضنك سنويًا من 100-400 مليون مصاب؛ وأن نصف سكان العالم (3.9 مليار شخص) معرضون للإصابة بحمى الضنك.
- ينتشر فيروس الضنك في المناخ الإستوائي وشبه الإستوائي وخاصة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية
هل تمثل الإصابة بحمى الضنك عبئًا عالميًا؟
- مع الأسف تزايدت بقوة أعداد المصابين بحمى الضنك في العقود الأخيرة، أغلب الحالات لا تعاني أي أعراض أو تظهر بعض الأعراض الخفيفة، فلن يمكننا تخيل عدد المصابين الحقيقي أو حصره!
- أصبح المرض متوطنًا في أكثر من 100 دولة في بعض الدول الأفريقية، وجنوب شرق آسيا، وغرب المحيط الهادي. كما أنه يهدد الأمريكتين، ودول شرق البحر المتوسط.
- كما أن حمى الضنك تظهر أحيانًا على هيئة تفشيات انفجارية في أوروبا. ولقد حظى عام 2019 بأكبر عدد مصابين بحمى الضنك.
حمى الضنك في مصر!
عادت حمى الضنك إلى مصر في عام 2015 لأول مرة منذ زمن بعيد، فهي ليست بالمرض الحديث.
أصيب به ما يقرب من 300 شخص ولكن تم اكتشافه والسيطرة عليه سريعًا، إذ إن أعراضه – في الغالب- تكون خفيفة.
طرق انتقال العدوى
انتقال العدوى من البعوض إلى الإنسان
تنتقل العدوى عن طريق لدغة بعوضة الزاعجة Aedes mosquito
- نوع الزاعجة المصريةAedes aegypti mosquito Female
- الزاعجة المنقطة بالأبيض Aedes albopticu
انتقال العدوى من الإنسان إلى البعوض
رغم أن الشائع انتقال العدوى من البعوض للإنسان إلا أنه قد تنتقل العدوى من إنسان مصاب –يومان قبل ظهور الأعراض وحتى يومين بعد زوال الحمى- إلى بعوضة لم تكن حاملة للفيروس، فينتقل لها الفيروس إثر لدغها لجسد مصاب!
انتقال العدوى من الأم للجنين
نادرًا ما يحدث انتقال فيروس حمى الضنك من أم حامل مصابة إلى جنينها، ولكن الأكثر حدوثًا هو أن تلد السيدة الحامل ومصابة بفيروس الضنك –طفلًا خديجًا (مبتسرًا) منخفض الوزن عند الولادة ومصابًا بضائقة جنينية fetal distress.
طرق أخرى لانتقال العدوى
وهي طرق نادرة الحدوث مثل نقل الدم، والتبرع بالأعضاء.
نشوء المرض Pathogenesis
عندما تلدغ البعوضة الحاملة للفيروس شخصًا سليمًا فإن الفيروس ينتقل إلى دم الشخص السليم، ومن ثم يتكاثر الفيروس وينتشر في الدم (Viraemia)
عوامل الخطورة
- إصابة سابقة بفيروس الدنج ترفع من خطر الإصابة بحمى الضنك الشديدة.
- التوسع الحضري غير المدروس: حيث كثرة عدد السكان وحركتهم وصعوبة الحصول على مصادر موثوقة للماء.
- الوعي الصحي للسكان ومدى إدراكهم للمشكلة والاهتمام بمكافحة ناقلات المرض (البعوض) التي يمكنها التكيف على العيش في بيئات جديدة!
أعراض الإصابة بحمى الضنك
أغلب المصابين بفيروس الضنك لا يعانون من أية أعراض. ولكن إذا ظهرت أعراض فتكون -عادةً- كالآتي:
- حمى شديدة C °40
- صداع شديدة
- آلام خلف العين
- آلام شديدة بالعضلات والمفاصل
- الغثيان
- القيء
- تضخم الغدد
- طفح جلدي
يبدأ المريض في التحسن خلال أسبوعين، ولكن قد تتفاقم الحالة -نادرًا- ويلزم تلقي العلاج اللازم بالمستشفى، لأن الحالات الشديدة قد تؤدي إلى الوفاة. وتسمى بحمى الضنك النزفية dengue hemorrhagic fever
الأعراض الشديدة
- آلام شديدة بالبطن
- التنفس السريع
- النزف من اللثة والرعاف (نزيف الأنف)
- الإنهاك الشديد
- قيء دموي أو براز مدمم
- العطش الشديد
- شحوب الجلد وانخفاض درجة حرارته
- انخفاض مفاجئ في ضغط الدم مما قيد يؤدي إلى الوفاة
الآن يمكنك تخيل مدى الحالة التي يؤول إليها المريض، إنها الضنك حقًا، فإنها تسمى أيضًا بحمى تكسير العظام؛ فالجسد بأسره يعاني من آلام مبرحة بالإضافة إلى الحمى، فكيف الحال إذا تفاقمت الحالة إلى النزف؟!
علاج الإصابة بحمى الضنك
أغلب حالات حمى الضنك الخفيفة يمكنها تلقي العلاج بالمنزل، وتجنب التعرض للدغات البعوض.
لا يوجد علاج محدد لفيروس الضنك كغالبية الفيروسات، ومن ثم يبني الطبيب خطة علاجه على معالجة الأعراض فيمكنه وصف الآتي:
- الباراسيتامول وهو الأكثر أمنًا. يحظر تناول العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات مثل الإيبوبروفين والأسبرين لما لهم من آثار جانبية وهي زيادة النزف.
الوقاية
- الاهتمام بمكافحة البعوض الذي يكون نشيطًا خلال النهار، وذلك من خلال:
- الحرص على تغطية الجسم كاملًا
- استخدام الناموسيات (شبكات البعوض) أثناء النوم خاصة بالنهار
- استخدام بخاخات طاردة الحشرات.
- استخدام الرذاذ طارد الحشرات
في حالة الإصابة بحمى الضنك
يجب اتباع الآتي:
- الراحة التامة
- تناول السوائل بكثرة
- تناول الباراسيتامول
- عدم تناول العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات
- متابعة الحالة مع طبيب متخصص خشية الدخول في الأعراض الشديدة
- يمكن تلقي لقاح Dengvaxia وهو لقاح يوصف لمن سبق إصابته بحمى الضنك ويعيش في الأماكن المتوطنة للمرض.
لقاح الإصابة بحمى الضنك Dengvaxia
- يأخذ اللقاح من يطلق عليهم إيجابي مصلي seropositive وهم أشخاص تظهر تحاليل الجم الخاصة بهم إصابة سابقة بحمى الضنك لمرة واحدة على الأقل (حيث تزداد حدة الأعراض عند تكرار الإصابة)
- يتلقى اللقاح الأعمار بين 9-45 عامًا في الأماكن التي يستوطنها فيروس الضنك، ويكون على ثلاث جرعات على مدار عام.
- صرحت هيئة الغذاء والدواء إعطاء اللقاح للأطفال من عمر (9-16 عامًا) والذين سبق إصابتهم ولو لمرة واحدة.
- لا يعطى لقاح Dengvaxia للمسافرين
البعوضة الزاعجة المصرية Aedes aegypti
البعوضة الزاعجة لها أنواع إحداها المسماة ب “المصرية” وسميت بهذا الاسم لأنها تشبه بعوضة وُجدت على الجدران المصرية الفرعونية القديمة!
ختامًا – الإصابة بحمى الضنك
حمى الضنك قد تدخل المصاب في حالة مزرية “ضنك” وقد تؤدي إلى الوفاة، وهي للأسف واردة بل إنها تهدد نصف سكان العالم دون مبالغة، يجب أن لا نغفله، والعمل على تطوير لقاحه حتى يصبح أكثر فعالية، ويعطي مناعة كاملة لكل أنواع الفيروس، فضلًا عن العناية بمكافحة البعوض الذي ينقل العدوى وهو أمر يسير ولكن يلزمه قدر من الاكتراث فقط!
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها ان تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص. بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص يجب على القارئ استشارة طبيبه لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ.
كتبته: د أميرة سامي أبوالوفا
المصادر
https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/dengue-and-severe-dengue#:~:text=Dengue%20(break-bone%20fever),body%20aches%2C%20nausea%20and%20rash.
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/dengue-fever/symptoms-causes/syc-20353078
https://www.nhs.uk/conditions/dengue/
https://www.cdc.gov/dengue/index.html