هل سبق ومررت بحادثٍ غير مجرى حياتك؟ هل تلقيت خبراً لم تستطيع تجاوزه؟ بقولٍ آخر، هل كُسِر قلبك من قبل؟
إذا كانت الإجابة نعم، فقد تكون أُصِبت بما يعرف باسم متلازمة القلب المكسور، إنه ليس مصطلحاً مجازياً أو معنوياً فقط، بل إنه مرض عضوي حقيقي يؤثر سلباً على حالة القلب مما يؤكد علاقة الحالة النفسية بصحة الجسد.
اكتشف في هذا المقال حقائق عدة عن تلك الحالة الطبية الغامضة التي تعتبر بمثابة دليل قاطع على علاقة العقل بالقلب وكيف يمكن علاجها والوقاية منها من أجل الحفاظ على صحة القلب.
تعرف أيضاً باسم اعتلال القلب الإجهادي أو متلازمة تاكوتسوبو وتسبب تغير في شكل عضلة القلب مع الضعف المفاجئ للبطين الأيسر وعدم القدرة على ضخ الدم.
تم اكتشاف المرض لأول مرة في اليابان عام ١٩٩٠ وسُمي كذلك نسبة إلى “وعاء تاكوتسوبو” المستخدم في صيد الأخطبوط والمعروف بشكله الضيق من الأعلى و المستدير الواسع من الأسفل.
تؤدي متلازمة تاكوتسوبو إلى ضعف البطين الأيسر للقلب وعدم قدرته على ضخ الدم بكفاءة، كما يتغير شكله بحيث يضيق نحو الأعلى ويبدو أوسع وأكثر استدارة من الأسفل، تماماً مثل شكل وعاء تاكوتسوبو الياباني.
تحدث نتيجة الضغط النفسي أو العاطفي أو الجسدي الشديد مثل المرض المفاجئ، التعرض للفقد، التعرض لحادثة شديدة، أو حتى بعد التعرض الكوارث الطبيعية مثل الزلازل.
يُصاب حوالي ٥٠٠٠ شخص بمتلازمة تاكوتسوبو في المملكة المتحدة سنوياً وهو مرض غير وراثي أي لا يتم انتقاله بين الأجيال، وقد تتكرر الإصابة بالمرض في ٤%-١٠% ممن سبقت لهم الإصابة.
وقد تسمع بعض الأسماء الأخرى التي تدل عليها مثل:
اقرأ أيضاً عن تمدد الأورطي البطني، أسبابه وعلاجه وكيفية الوقاية منه.
لم يُكتشف السبب المحدد للإصابة بعد إلا أنه يُرجع الأطباء أسباب الحدوث إلى اندفاع هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول بشكل عالي والذي يكون بمثابة الصاعقة، مما يضع ضغطاً مفاجئاً على القلب ويسبب حدوث تغيرات في شكل عضلة القلب أو الشرايين التاجية أو كليهما مما يمنع البطين الأيسر من ضخ الدم بكفاءة وتحدث بسبب الضغوط نفسية أو الضغوط الجسدية.
يمكنك قراءة المزيد عن ما هو الربو؟ وكيف يمكن معرفة ما إذا كان الشخص مصابا به.
قد يشعر المريض بنفس أعراض النوبة القلبية المفاجئة بالرغم من أنه لا يعاني مرضاً عضوياً في شرايين القلب التاجية بالإضافة لبعض الأعراض الأخرى مثل:
هل تعلم ما هي أهم أسباب دوار الرأس وكيفية التشخيص وطرق العلاج؟
قد تتشابه أعراض القلب المكسور مع النوبات القلبية، لذلك يجري الأطباء بعض الفحوصات لاستبعاد احتمال النوبة القلبية مثل:
يستطيع الطبيب عن طريق تلك الإجراءات الطبية تحديد ما إذا كنت مصابا بنوبة قلبية أم هي متلازمة تاكوتسوبو.
و يعتبر إجراء تصوير الأوعية التاجية هو القول الفصل الذي يساعد الطبيب في استبعاد احتمال الإصابة بالنوبة القلبية.
يتم تأكيد التشخيص بمتلازمة القلب المكسور في حالة:
ومن ثم يقوم الطبيب بطرح الأسئلة عن الفترة الماضية في حياتك وما إذا تعرضت لازمة نفسية أو مجهود بدني شاق.
قد يظن مريض متلازمة القلب المكسور أنه يعاني من نوبة قلبية نظراً لتشابه الأعراض بينهما مثل ضيق التنفس وآلام الصدر.
ولكن يكمن الفرق بينهما في:
ما هي أمراض الشرايين التاجية للقلب؟
لا يوجد علاج محدد حيث تختلف الأسباب بشكل كبير كما يعتمد على حدة الأعراض وما إذا كان يعاني المريض من انخفاض ضغط الدم أو ارتجاع السوائل إلى الرئتين.
كما أنه لا يوجد علاج موحد لجميع مرضى متلازمة تاكوتسوبو، ولكن بشكل عام يوصي الأطباء باستخدام بعض أدوية النوبات القلبية للسيطرة على الأعراض والحفاظ على صحة القلب مثل:
بالإضافة إلى إمكانية استخدام العلاج طويل المدى عن طريق استخدام حاصرات مستقبلات بيتا منفردة أو حاصرات مستقبلات ألفا وبيتا معا لمدة غير محددة لتقليل تأثير الأدرينالين وهرمونات
التوتر الأخرى ومن ثم تخفيف حدة الأعراض.
وفي بعض الحالات النادرة، يتطلب الأمر تركيب مضخة بالون داخل الأبهر أو جهاز مساعدة البطين الأيسر من أجل مساعدة القلب في عملية ضخ الدم.
يتعافى المريض في غضون شهرين بعد أن يبدأ الجسم في التكيف والتعامل مع الظروف بشكل أفضل.
قد تحدث بعض الأعراض الجانبية بسبب العلاج مثل:
يمكن لأي شخص الإصابة بتلك الحالة إلا أن وجود بعض العوامل قد تزيد من فرص الإصابة ومن ضمنها:
وترجح الأبحاث أن ٥% من النساء المعرضات للإصابة بالنوبات القلبية يعانين بالفعل من القلب المكسور.
يعتبر حدوث مضاعفات بسبب متلازمة القلب المكسور أنه نادر نسبيا وقليل الحدوث بشكل كبير، ولكنها في الحالة الشديدة تتضمن ما يلي:
ما هي متلازمة ارتخاء الصمام الميترالي، أعراضها وأسبابها وعلاجها؟
المطمئن في الأمر أنه تتحسن معظم حالات اضطرابات وظائف القلب الانقباضية أو حركة جدار البطين الأيسر للقلب في خلال ٢-٤ أسابيع ويتعافى المريض بشكل كامل في خلال شهرين.
ومع ذلك بعض الحالات تعاني من أعراض مستمرة تشبه أعراض قصور عضلة القلب ولا تسبب الوفاة إلا في حالات نادرة.
جميع الممارسات التي تؤدي إلى تخفيف التوتر تساعد في الوقاية من الإصابة بالقلب المكسور، على سبيل المثال:
ويعتبر تجنب الضغط النفسي والبدني هو الحل الأمثل للوقاية والعلاج واختفاء الأعراض.
وفي النهاية، علينا جميعا أن نعي مدى تأثير الحالة النفسية والمزاجية على صحة القلب والجسد عامة.
كما أن الابتعاد عن مصادر التوتر وتعلم كيفية إدارة المشاعر والاعتناء بالذات وقت الأزمات والثبات الانفعالي لم يعد أمراً ترفيهيا، بل جميعنا في حاجة لذلك خصوصاً مع انتشار الأمراض والمؤثرات السلبية.
و لكل شخص منا طابعه الخاص ووسائله المميزة التي تجعله يشعر بالراحة والاسترخاء، ابحث عنها داخل نفسك واستمتع بحياتك وتجنب الاصابة بمتلازمة القلب المكسور.
كتبته: تقى مصطفى يس