ماذا يجول بخاطرك إذا سمعت عن طفيل الأميبا؟ بالطبع تتذكر الأطفال وشكواهم المتكررة حول البطن مثل الألم والإسهال وغيرهما من أعراض الأميبا الشهيرة والتي تنتقل عبر الطعام الملوث. ولكن يجب أن تعلم جيدًا أن الأميبا أنواع: أشهرها (Entamoeba histolytica)، وهناك نوع آخر –غير شهير- وهو الأميبا آكلة الدماغ (Naegleria fowleri).
الأميبا كائن وحيد الخلية، ومصنفة تحت حقيقيات الأنوية(Eukaryote) تنتمي لعائلة جذريات الأرجل (rhizopods)، وكلمة أميبا مشتقة من كلمة لاتينية (amoibe)، وتعني “تتغير” حيث تتميز بالآتي:
الاسم العلمي لها ” Naegleria fowleri ” النيجلرية الفاولرية، وهي إحدى أنواع الأميبا التي تعيش حرة، وتوجد في المياه العذبة الدافئة مثل: البحيرات، والأنهار، والينابيع الساخنة، وكذلك التربة.
تتغذى النيجلرية على فطر الخميرة، والطحالب، والبكتيريا بنوعيها –بكتيريا سلبية الجرام وإيجابية الجرام- تتواجد الأميبا آكلة الدماغ في كل أنحاء العالم ما عدا القارة القطبية، حيث إنها لن تنجو في المناخ قارس البرودة. يمكنها العيش في الماء والتربة والهواء أيضًا.
تدخل النيجلرية الفاولرية جسم الإنسان عبر الأنف حيث إنها تتواجد في المياه، فقد تحدث الإصابة أثناء السباحة في ماء غير المعد للسباحة أو غير مضاف له الكلور الذي يطهره من كل الآفات، أو ممارسة رياضة الغوص، أو أثناء غمر الرأس في المياه العذبة كمياه البحيرات أو الأنهار، كما يمكن للأميبا أن تنتقل أثناء غسل الأنف (الاستنثار) بماء الصنبور الملوث بها وغير المزود بنسبة الكلور اللازمة للقضاء على أي ملوثات أو ميكروبات.
ثم تتحرك الأميبا من الأنف إلى المخ مباشرة، ومن ثم تشرع في تدمير أنسجة المخ وتسبب عدوى مهلكة –تودي بحياة المريض- وتعرف باسم التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي (primary amebic meningoencephalitis) ويرمز لها بالرمز (PAM). ولا يمكنها الانتقال من شخص لآخر أي إنها غير معدية، كما أنها نادرة الحدوث.
إن النيجلرية الفاولرية من الطفيليات المحبة للحرارة، فهي تنمو وتترعرع في الطقس الحار، وعلى ذلك فهي تعيش في مسطحات المياه العذبة الدافئة. وتبلغ درجة الحرارة المثالية لنموها 46 درجة مئوية.
وقد استطاع العلماء من إيجاد علاقة وثيقة بين بعض حالات التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي ودرجات حرارة مياه المسطحات المائية التي في محيط هذه الحالات. يمكن –لبعض الوقت- للأميبا آكلة الدماغ العيش في درجات حرارة أقل من 46 أو أعلى منها.
تتواجد في المياه العذبة الدافئة مثل: الأنهار والبحيرات العذبة، كما يمكن أن تتواجد في الينابيع الساخنة، المياه الناتجة من مخلفات المصانع حيث تكون درجة حرارتها عالية، وكذلك في المسطحات المائية العذبة الضحلة.
احذر استعمال ماء الشرب غير المعالج جيدًا فقد تحوي الأميبا آكلة الدماغ، وكذلك حمامات السباحة غير النظيفة أو غير المعنِيّ بنظافة مياهها باستمرار. كما يمكن أن تنمو في التربة الصالحة للزراعة وكذلك رواسب الأنهار والبحيرات حيث تتغذى على البكتيريا والكائنات الدقيقة الموجودة بها.
لن تحظى بمقابلة النيجلرية الفاولرية أثناء السباحة في البحر أو أي مسطح مائي مالح.
كما أنك لن تتعرض للإصابة بالنجلرية في حمام سباحة نظيف، ويتم الاعتناء به دائمًا.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
أكثر الأشخاص عرضة هم الأطفال من الذكور في سن المراهقة 14 سنة، لأنهم الأكثر تعرضًا للسباحة والمرح في المياه العذبة. كما أنها اكتشفت في الولايات المتحدة في الجزء الجنوبي من الولايات المتحدة تحديدًا، وذلك نظرًا لطقس هذه المناطق الحار مثل: فلوريدا، وتكساس. وتتكرر الإصابة بمعدل ثماني مرات في السنة.
بم أنها تسبب تلف بأنسجة المخ وينتج عنها التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي، فإن أعراضها تشبه الالتهاب السحائي.
يظهر أول عرض بعد مرور 5 أيام من الإصابة وسرعان ما تتطور حتى تنتهي بالوفاة خلال أيام قلائل، وتكون الأعراض:
رغم كون عدوى النيجلرية الفاولرية نادرة الحدوث، إلا أنه يجب أخذ التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي بعين الاعتبار أثناء التشخيص التفريقي للالتهاب السحائي في الأطفال، حيث يسهل تشخيصه فقط بأخذ تاريخ مرضي تفصيلي للاسبوع الماضي فقط. في حال ذكر السباحة في مياه عذبة دافئة أو استخدام مياه غير موثوقة للاستخدام، يجب وضع التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي في المقام الأول.
تشبه أعراض التهاب السَّحايا والدماغ الأميبي الأوَّلي أعراض الالتهاب السحائي البكتيري، وكذلك الفحوصات المعملية لكل منهما تتشابه أيضًا. يرتفع عد الدم الأبيض وخصوصًا الخلايا المتعادلة neutrophils، كما يرتفع الضغط داخل الجمجمة (increased intracranial pressure)، وتظهر كرات الدم الحمراء في فحص السائل المخ شوكي، ويقل مستوى الجلوكوز به، ويرتفع مستوى البروتين.
ولكن يمكن الكشف عن الطور النشيط من الأميبا (trophozoites)، باستخدام عينة السائل المخ شوكي، حيث إنها تهلك باستخدام صبغة جرام ولكن يجب أن تكون العينة رطبة (wet mount of CSF)حتى تظهر؛ بدون هذا الشرط قد نفقد تشخيص النجلرية الفاولرية، ومن ثم يفقد المريض حياته!
لا يعرف المريض بإصابته إلا بعد الدخول في الأعراض الخطيرة، فلا وقت لمحاولة فصل الطفيل والتأكد من الإصابة أو عدمها، لكن يمكن فحص الطفيل واكتشافه من خلال عينة من أنسجة المخ التالفة، ومن السائل المخ شوكي.
لا يوجد علاج خاص بها، وذلك لقلة نسبة الإصابة بها فهي نادرة، ولكن ظهرت استجابة عند الجمع بين بعض الأدوية مثل:
ويعتقد أن هذه الأدوية فعالة ضد النيجلرية واستخدمت –من قبل- لمعالجة الحالات المصابة، وكانت سببًا في نجاة المرضى من موت محقق!
ويعتبر عقار الميلتفوزين Miltefosine الأحدث من بين هذه العقاقير، وقد اختبر العلماء فعالتيه ضد الأميبا آكلة الدماغ في المعمل.
إن عدوى هذا النوع الفتاك -نادرة، ولكن يجب توخي الحذر، واتباع النصائح الآتية:
كتبته: د أميرة سامي أبوالوفا
اقرأ أيضًا:
فيروس ماربورج ما هو؟ وما علاقته بمرض الإيبولا؟
الخانوق عند الأطفال | ما هو وكيف ينتقل وما طرق الوقاية منه؟
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها ان تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص. بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص يجب على القارئ استشارة طبيبه لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ.