تتردد –يوميًا- عشرات السيدات (المنتفعات) على مراكز تنظيم الأسرة لتلقي وسائل منع حمل تناسبهن، بينما يساورهن شكوك وتخوفات حول هذا الأمر. ونظرًا لغياب تثقيف صحي حقيقي، تَرِد شكاوى واستفسارات حول آثار الوسائل على صحة المرأة ولاسيما حدوث الالتهابات المهبلية. وحول ذلك الصدد دعونا ندرس أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل.
ولبحث أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل يجب أن نتطرق للمفاهيم الآتية:
موانع الحمل- موانع حمل هرمونية- المهبل- بكتيريا المهبل- التهابات المهبل
فيما يلي سنسلط الضوء على هذه المصطلحات لنخلص أخيرًا إلى إدراك الفكرة موضوع الدراسة
تتوجه عشرات السيدات يوميًا لمراكز رعاية الأم والطفل أو الوحدات الصحية أو مراكز تنظيم الأسرة وكذلك العيادات الخاصة –لتلقي وسيلة منع حمل تناسبهن، وتساعدهن الممرضة أو الرائدة الريفية من خلال استعراض لأنواع الموانع ومحاولة تقليص عدد الاختيارات قدر الإمكان، ثم تتلقى دعمًا إضافيًا من الطبيب نفسه -غالبًا ما تكون طبيبة- لتخيّر ما يناسبهن بدقة.
يصنف الخبراء موانع الحمل تصنيفات متعددة منها:
تؤدي تلك الوسائل لمنع الحمل عن طريق التنسيق الهرموني. يعتمد الحمل على التنسيق بين هرمونين اثنين هما الإستروجين والبروجستيرون؛ لذا تتألف الموانع الهرمونية من هذين الهرمونين أو أحدهما على الأقل وهو البروجستيرون.
يتواجد الهرمون في الوسيلة بأقل نسبة ممكنة لتحقق هدفها في منع حدوث حمل محتمل، وكذلك دون تعرض السيدة لآثار جانبية.
وعلى ذلك يمكن تقسيم الموانع الهرمونية إلى موانع هرمونية تحتوي على كلا الهرمونين مجتمعين (الإستروجين والبروجستيرون)، وموانع هرمونية تحتوي على هرمون البروجستيرون فقط.
ومن أمثلة موانع الحمل الهرمونية:
وهي موانع موضعية تمنع استقرار البويضة المخصبة وتجعل الرحم دائمًا غير مهيأ لزرع بويضة مخصبة في جداره.
ومن أمثلة هذا النوع:
يمكن الاستغناء عن الوسائل المصنعة والاعتماد على طرق فسيولوجية مثل:
يمكن منع الحمل نهائيًا وهي طرق جراحية قد يلجأ إليها بعض الأطباء في ظروف خاصة مثل:
أسلفنا الذكر عن موانع الحمل الهرمونية، ونظرًا لموضوع بحثنا: أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل ، سوف نقسم الموانع الهرمونية إلى قسمين:
وهي وسائل منع الحمل هرمونية وتوضع داخل الجهاز التناسلي للمرأة مثل الرحم والمهبل وعنق الرحم ومن أمثلتها:
وهي وسائل منع الحمل هرمونية أيضًا تتلقاها المرأة خارج الجهاز التناسلي عن طريق الفم أو الجلد أو الحقن ومن أمثلتها:
تُرى ما أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل؟!
لا يمكننا الإجابة عن هذا السؤال دون التعرف على المهبل وخصائصه والبيئة الميكروبية الخاصة به.
أحد أعضاء الجهاز التناسلي الأنثوي female reproductive system، وهو أنبوبة عضلية يبلغ طولها 10 سم تمتد بين الفرج the vulva –الأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجية- وعنق الرحم the cervix. كما أنها تقع تشريحيًا بين قناة مجرى البول من الجهة الأمامية والمستقيم من الجهة الخلفية.
يحتوي المهبل على بيئة ميكروبية (ميكروبيوتا microbiota)، وهي عبارة عن كائنات دقيقة مثل البكتيريا والفطريات وكائنات وحيدة الخلية. لا تقتصر الميكروبيوتا على تجويف المهبل فقط، بل موجودة في كل تجاويف الجسم مثل تجويف الفم والمعدة والأمعاء، ويسمى الجينوم الخاص بها الميكروبيوم.
تختلف مكونات الميكروبيوتا من عضو لآخر ففي المهبل تتكون من: أنواع البكتيريا النافعة اللاكتوباسيلوس Lactobacillus وفطريات الكانديدا وغيرها.
وبعد أن تعرفنا على ما اشتمل عنوان بحثنا من مفاهيم، يسهل عليك الآن فهم ما يحدث!
اكتشفت دراسات عديدة أن أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل يختلف باختلاف الوسيلة أو مانع الحمل المستخدم، ولكن هناك قاعدة رئيسة لا تقبل الشك وهي:
أن هرمون الإستروجين يحافظ على ميكروبيوتا المهبل ولا يحدث بها أي تغيرات، فيعتبر عامل وقاية.
وفيما يلي ملخص لما توصلت إليه الدراسات حول كل نوع
وهي آمنة على بكتيريا المهبل نظرًا لاحتوائها على هرمون الإستروجين لا تسبب نقصًا أو انخفاضًا بمستوى بكتيريا اللاكتوباسيلوس lactobacilliالآمنة على الأغشية المخاطية لتجويف المهبل. بل على العكس!
يمكن لهذه الموانع التسبب في فرط نمو البكتيريا النافعة lactobacilli
وكذلك فرط نمو الفطريات الموجودة طبيعيًا بالمهبل وهي المبيضات candida
لا زال أثر هرمون البروجستيرون منفردًا على ميكروبيوم المهبل غير محدد، إلا أن الدراسات معظمها أثبتت أن الأثر الوحيد هو حدوث ضمور في المهبل وأرجعوا ذلك إلى تعرض المنتفعة إلى نوبات من النزيف المتكرر، مما يؤدي إلى ترقق جدار المهبل vaginal thinning والجفاف والحكة، وهذا الأمر أشبه بحالة المهبل في مرحلة ما بعد انقطاع الحيض (post menopause)
تقل عدوى الكانديدا مع مستحضر البروجستيرون، لذا لا تتعرض المرأة لعدوى الفطريات المتكررة.
اللولب الهرموني- أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل
اللولب الهرموني أحد الموانع الهرمونية من نوع مستحضر البروجستيرون فقط؛ لذا فهي تسبب الأثر نفسه على بكتيريا المهبل. ولكن اللولب يسبب آثارًا أخرى تتعلق بأنه يتم إدخاله داخل الرحم.
قد ينشأ عقب إدخال اللولب عدوى شديدة نتيجة الإجراء نفسه
قد ينقل بعض المبيضات أو فطر الكانديدا من المهبل إلى الرحم أثناء –دخول اللولب- وحينها يتغير الوسط المناسب لها وينشأ عنه عدوى فطرية شديدة.
ولكن هذه الآثار لا تتعلق بهرمون البروجستيرون، ويسببها أيضًا اللولب النحاسي.
وفيما يلي ملخص لآثار بعض موانع الحمل الهرمونية المختلفة
نوع مانع الحمل | نوع الهرمون | الأثر |
أقراص منع الحمل المركبة (COCs) | الإستروجين والبروجستيرون | تقلل التعرض للعدوى البكتيرية للمهبلتحافظ على مستوى البكتيريا النافعة Lactobacillus بسب احتوائها على الإستروجين |
أقراص مستحضر البروجستيرون (POPs) | البروجستيرون فقط | قد يسبب ضمورًا للأغشية المخاطية للمهبل atrophic vaginitisتقلل من عدوى الكانديدا |
حقن البروجستيرون | البروجستيرون | لوحظ أنها ترفع من نسبة الإصابة بعدوى المهبل البكتيرية (أثر خاص بها فقط) |
اللولب الهرموني | البروجستيرون فقط | يسبب الإصابة بالكانديدا قد يرفع من الإصابة بعدوى المهبل نظرًا لإجراء تركيبه داخل الرحم |
الحلقات | الإستروجين والبروجستيرون معاً | قد ترفع من احتمالية الإصابة بعدوى المهبل البكتيرية بسبب إجراء تركيبهاتزيد من نسبة بكتيريا اللاكتوباسيلوس لاحتوائها على الإستروجين |
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها ان تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص. بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص يجب على القارئ استشارة طبيبه لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ.
كتبته: د/ أميرة سامي أبوالوفا
اقرأ أيضًا:
ما هو ريجيم البحر المتوسط لصحة القلب؟ وما مكوناته وآثاره؟
فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين || ما هو؟ وما أعراضه؟ وطرق علاجه؟
جرثومة شيغيلا.. ما هي وما أعراضها وكيف تنتقل؟
المصادر:
https://www.learnskin.com/articles/how-different-birth-control-options-affect-the-microbiome
https://www.uptodate.com/contents/hormonal-methods-of-birth-control-beyond-the-basics#H1
https://www.sfda.gov.sa/ar/awarenessarticle/73586
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0018506X2
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S000293781
https://www.moh.gov.sa/HealthAwareness/EducationalContent/wh