هل سمعت عن متلازمة النفق الرسغي من قبل؟ ذلك المرض الذي قد يُفقدك حركة يديك بالكامل مع مرور الوقت وأنت تحسب أنه مجرد تنميلٌ عابرٌ أو ألمٌ راحلٌ.

لذلك، إذا كنت تُعاني من ألم في يديك أو لاحظت تغيراً في كفاءتها أو قدرتها على التحكم ولا تعرف ما السبب، نوصيك بمتابعتنا في هذا المقال حيث قد تجد الإجابة بشأن أسباب ما تشعر به وطرق علاجه المختلفة.

ما هي متلازمة النفق الرسغي؟

هي من أكثر أمراض اليد شيوعاً وتُسبب الشعور بالألم و الوخز والتنميل في كف اليد والمعصم، تعرف بالإنجليزية باسم Carpal Tunnel Syndrome.

تحدث عند حدوث تلف أو تهيج داخل المعصم مما يؤدي إلى التورم الذي يضغط على واحد من أعصاب اليد الرئيسية الذي يمر من خلال النفق الرسغي وهو عصب اليد المتوسط الذي يمتد من الساعد عبر المعصم إلى راحة اليد وهو المسئول عن حركة ساعد اليد ويسبب الإحساس في الكف وأصابع الإبهام والسبابة والوسطى وجزء من البنصر كما يوفر إشارات تحريك العضلات حول الإبهام.

تُعتبر من الأمراض الشائعة التي تُصيب حوالي ٣ أشخاص من كل ١٠٠٠ شخص سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية وتعتبر النساء بشكل عام عرضة للإصابة به ٣ مرات أكثر من الرجال.

فسيولوجيا المرض

النفق الرسغي هو مساحة أو ممر بين عظام اليد يسمح بمرور الأوتار والأعصاب والأربطة من خلاله حتى تصل إلى اليد ومن ضمنهم عصب اليد المتوسط وهو المسئول عن الإحساس والحركة في اليد والرسغ والأصابع.

يؤدي التورم أو حدوث الالتهابات في ذلك النفق إلى الضغط على عصب اليد المتوسط مما يؤدي إلى الشعور بالتنميل والوخز وضعف حركة اليد والإحساس بالأصابع وهذا ما يسمى بمتلازمة النفق الرسغي.

يمكن الإصابة به في حالة استخدام اليد بشكل مستمر ومتكرر أو بسبب استخدام الآلات التي تُصدر اهتزازات.

كما أثبتت بعض الدراسات أن حركة اليد المتكررة قد لا تكون السبب المباشر لظهور المرض إلا أنها من الممكن أن تسبب إلتهاب الأوتار أو التهاب الجراب مما يُضيق النفق الرسغي ومن ثَم الضغط على عصب اليد المتوسط وظهور الأعراض.

أسباب الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي

كما ذكرنا سابقاً، يُعتبر الضغط الزائد على عصب اليد المتوسط هو السبب الرئيسي للإصابة بالمرض، لذلك أي شيء من شأنه الضغط عليه أو إحداث ورم أو تهيج في محيطه سوف يؤدي إلى ظهور أعراض المرض، ومن ضمن الأسباب ما يلي:

• عوامل تشريحية مثل ضيق النفق الرسغي خاصةً عند النساء
• الروماتويد المفصلي
• إصابة الإجهاد المتكرر
• القيام بأنشطة متكررة باليد أثناء العمل مثل الكتابة على لوحة المفاتيح أو أو السواقة أو استخدام الآلات اليدوية مثل المنشار وغيره.
• استخدام الأدوات الكهربائية التي تصدر اهتزازات
• التواء المعصم
• كسور اليد أو الساعد

عوامل الخطورة

يمكن للمرض أن يُصيب أي شخص إلا أن وجود بعض العوامل يُحفز الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي بالرغم من عدم وجود مشكلة في العصب نفسه وتتضمن:

• النساء الحوامل وانقطاع الطمث بسبب احتباس السوائل وتغير الهرمونات
• السمنة المرضية التي تسبب ضيق النفق الرسغي
• زيادة العمر عن ٤٠ عاماً
• وجود تاريخ مرضي في العائلة

بالإضافة إلى بعض الأمراض التي تحفز الإصابة مثل:

• النقرس
• مرض هاشيموتو
• التكيسات العقدية وأورام اليد
• الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني
• تورم الذراع الليمفاوي
• الداء النشواني ( مرض يسبب تراكم البروتين في الجسم بشكل غير طبيعي)

الأعراض

تبدأ أعراض متلازمة النفق الرسغي بشكل تدريجي وبصورة خفيفة ليلاً خاصةً أثناء النوم ولكنها قد تتطور مع الوقت وتؤثر على الحياة اليومية للمريض في حالة تجاهلها وعدم الإسراع في العلاج وتتضمن:

• الشعور بالخدر في كف اليد والساعد وأصابع الإبهام والسبابة والأصابع الوسطى إلا أنه عادة لا تشعر بها في الخنصر.
• انتفاخ الأصابع
• ألم في المعصم واليد والذراع قد يمتد حتى الكوع
• التنميل المستمر.
• الشعور بالوخز مثل الإبر.
• ضعف اليد وعدم التحكم أو القدرة على الإمساك بالأشياء بسبب الخدر أو ضعف عضلات الإبهام القابضة.

تحدث هذه الأعراض عند الإمساك بالهاتف أو عجلة القيادة وأيضاً قد توقظك من النوم من شدة الألم، لذلك انتبه، إذا شعرت بواحد أو أكثر من تلك الأعراض، فقد تكون علامة على الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي وعليك التوجه للطبيب فوراً.

تعرف على المزيد من أسباب ضعف قبضة اليد والخطورة المترتبة عليه وطرق العلاج.

التشخيص

يعتمد الأطباء على بعض الفحوصات الجسدية لتشخيص متلازمة النفق الرسغي بشكل دقيق عن طريق:

• اختبار اليد والأصابع والاستعلام عن الأعراض الموجودة.
• البحث عن علامة تينيل: انتقال الألم من المعصم إلى كف اليد بعد النقر على العصب المتوسط في المعصم
• البحث عن علامة فالين: الشعور بالتنميل أو الوخز عند ثني المعصم تماماً للأمام لمدة ٦٠ ثانية.

كما يطلب الطبيب إجراء بعض الأشعات لتأكيد التشخيص مثل:

• الأشعة السينية على معصم اليد: للكشف عن التهاب المعصم.
• تخطيط كهربية العضلات: لفحص حالة العضلات والأعصاب المتحكمة فيها.
• اختبار سرعة توصيل الأعصاب: يهدف إلى اختبار سرعة إنتقال الإشارات خلال العصب.
• الموجات فوق الصوتية.
• الرنين المغناطيسي.

المضاعفات

تزداد أعراض متلازمة النفق الرسغي سوءاً مع مرور الوقت في حالة عدم العلاج المبكر.

كما يؤدي التهاب عصب اليد المتوسط  المستمر إلى تدميره والخلل الوظيفي التام في اليد وفقدان الإحساس في الأصابع وقد يصل الأمر إلى التنميل الدائم وتلف عضلات اليد والأصابع.

لذلك يجب على المريض التوجه للطبيب فور الشعور بأي أعراض غريبة في اليد من أجل سرعة التشخيص والعلاج.

ما هي أعراض انسداد عصب اليد؟

يحدث انسداد عصب اليد بسبب الضغط عليه من الأنسجة المحيطة به مثل العظام والمصاريف والأوتار وغيرهم، ويؤدي ذلك إلى الشعور ببعض الأعراض منها:

• الخدر وقلة الشعور بالحرارة والبرودة في المنطقة التي يغذيها العصب.
• الشعور بالألم حاد
• الشعور بصدمة كهربائية في اليد والأصابع
• ضعف العضلات و قلة التحكم
• عدم قدرة اليد على الإمساك بالأشياء أو القيام بالأنشطة المختلفة
• الشعور بالتنميل والوخز مثل الإبر

تزداد الأعراض عند النوم بالشكل الذي قد يوقظك، لذلك يجب سرعة استشارة الطبيب إذا واجهت أياً من هذه الأعراض.

هل مرض متلازمة النفق الرسغي خطير؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب أولاً معرفة مرحلة المرض حيث تختلف درجة الخطورة حسب درجة تضرر العصب المتوسط.

في بداية الإصابة، يكون الأمر ليس بالخطير ويمكن الشفاء منه بسهولة مع اتباع بعض التمرينات الرياضية وتجنب الأوضاع التي تلحق الضرر بعصب اليد المتوسط.

ومن الناحية الأخرى، في حالة تجاهل الألم والتهاون في العلاج والمتابعة، يؤدي الالتهاب الزائد إلى فقدان الإحساس في اليد والأصابع وعدم القدرة على التحكم وقد يصل الأمر إلى الفقدان الوظيفي التام في اليد.

لذلك، سرعة العلاج ليست أمرا اختياريا من أجل إنقاذ يديك وتجنب مخاطر المرض.

هل يمكن الشفاء من متلازمة النفق الرسغي؟

اطمئن عزيزي المريض، فإن الشفاء التام من المرض ليس بعيداً عنك إذا تعاملت مع الأعراض بشكل سريع وتوجهت للطبيب المختص من أجل اتباع التعليمات اللازمة، وتتمثل طرق علاج المرض في:

•  العلاج غير الجراحي
• العلاج الدوائي
• العلاج الجراحي

علاج النفق الرسغي بدون جراحة

تتحسن الأعراض المبكرة كما يمكن لمرضى متلازمة النفق الرسغي الشفاء عن طريق اتباع بعض الممارسات التي تخفف من حدة الضغط على العصب المتوسط أو دعم معصم اليد وتحسين وضعه، وتتمثل في:

• ارتداء جبيرة معصم اليد أثناء النوم للحفاظ على المعصم في الوضع الطبيعي وتقليل الضغط على العصب المتوسط.
• العلاج الطبيعي لتقوية العضلات حول المعصم والحفاظ على مرونة وحركة العصب.
• تجنُب النوم على الذراع المصاب.
• تغيير نمط الحركة ووضع الجلوس اليومي.
• تجنُب الأنشطة التي تزيد من حدة الأعراض.
• عمل الكمادات الدافئة والباردة على المكان المصاب.
• القيام ببعض التغييرات في بيئة العمل وتجنُب الحركات المتكررة باليد لفترة طويلة.

علاج النفق الرسغي بالأدوية

بعض الأدوية تساعد في تخفيف الالتهابات وبالتالي اختفاء الأعراض تدريجياً مثل:

• استخدام المسكنات ومضادات الالتهابات غير الستيرويدية مثل الايبوبروفين.
• حقن النفق الرسغي مباشرةً ببعض أدوية الكورتيكوستيرويد لتقليل التورم والالتهاب حول العصب المنضغط.

علاج النفق الرسغي بالجراحة

يلجأ الطبيب في الحالات الصعبة والمتأخرة إلى التدخل الجراحي لإزالة الضغط على العصب المتوسط.

يقوم الطبيب بإجراء جراحي يُسمى تحرير النفق الرسغي لإيجاد مساحة كافية داخل المعصم مما يُقلل الضغط على عصب اليد المتوسط، وذلك عن طريق إحداث قطع في الرباط الواصل بين المعصم وكف اليد مما يُقلل الضغط في النفق الرسغي يسمح بوجود مساحة أكبر لمرور الاعصاب والاوتار.

تكون العملية عن طريق الجراحة المفتوحة أو الجراحة بالمنظار باستخدام المخدر الكلي أو الموضعي في كلا الحالتين وتستغرق حوالي ٢٠ دقيقة ويستطيع المريض الخروج في نفس اليوم ويتحسن الوضع في خلال شهر أو شهرين من إجراء الجراحة، ويجب على المريض الحرص على تحريك المعصم  والأصابع بعد أيام قليلة من الجراحة لتجنب التصلب.

والجدير بالذكر أنه من السهل أن يتحسن الوضع بدون الجراحة إلا أنه تقريباً نصف حالات متلازمة النفق الرسغي تحتاج إلى التدخل الجراحي بسبب إهمال الأعراض وتأخر العلاج مما يؤكد ضرورة التشخيص والعلاج المبكر للمرض.

الوقاية

ولأن الوقاية خيرٌ من العلاج، يمكن تقليل فرص الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي عن طريق:

• إبقاء المعصم في وضع مستقيم لمنع الضغط على العصب المتوسط
• استخدام المعدات المصممة لتقليل خطر إصابة المعصم
• استخدام المساعدات مثل لوحات المفاتيح المقسمة
• استخدام أقواس المعصم لتحسين وضع اليد أثناء الكتابة على لوحة المفاتيح
• تمديد المعصم قبل القيام بالأنشطة البدنية المكثفة وبعدها
• الاهتمام بأخذ قسط من الراحة بصفة مستمرة
• الحفاظ على وضعية مريحة وجيدة أثناء الكتابة على لوحة المفاتيح أو استخدام الآلات
• تجنب حركات اليد المتكررة لفترة طويلة
• توقف عن العمل عند الشعور بالألم
• زيارة الطبيب فور الشعور بأي تغير في حالة اليد والأصابع

تمارين لعلاج متلازمة النفق الرسغي

تساهم تمارين اليد في تخفيف حدة الأعراض في الحالات الخفيفة والمتوسطة بالتزامن مع التغيير السلوكي وتجبير المعصم والوعي بطبيعة المرض، كما نوصي بالالتزام بها في حالة استخدام اليد في الأنشطة المتكررة للوقاية من تضرر عصب اليد المتوسط.

وإليك أمثلة بعض التمارين المناسبة لتخفيف آلام العصب المنضغط:

• تمديد عضلات المعصم

قم بفرد ذراعك بشكل مستقيم في نفس مستوى الكتف ثم قم بثني الرسغ للخلف بلطف بمساعدة اليد الأخرى، وتوقف لمدة ١٥ ثانية ثم حرر ذراعك، كرر التمرين ٥ مرات لكلا الذراعين. 

يساعد هذا التمرين في تمديد عضلات الساعد الداخلي.

• ثني المعصم للأمام

قم بفرد الذراع بشكل مستقيم على مستوى الكتف، وجه راحة للأسفل تجاه الأرض، ثم قم بثني الرسغ بلطف بمساعدة اليد الأخرى لمدة ١٥ ثانية ثم كرر التمرين ٥ مرات لكلا الذراعين.

يساعد هذا التمرين في تمديد عضلات الساعد الخارجي.

• رفع المعصم

ضع يدك بشكل مستقيم على الطاولة، شع اليد الأخرى عليها بزاوية قائمة ثم قم برفع اليد التي في الأسفل مع الضغط باليد التي في الأعلى في آن واحد مع البقاء لمدة ٥ ثوان والتكرار١٠ مرات.

يساعد هذا التمرين في تقوية عضلات الساعد.

• ضغط اليد

سوف تحتاج كرة مطاطية صغيرة للقيام بهذا التمرين.

قم بالضغط على الكرة بهدوء لمدة ٥ ثوان ثم اتركها ثم كرره ١٠ مرات.

يساعد هذا التمرين في تقوية عضلات الساعد.

والعديد من التمارين الأخرى التي يخبرك بها متخصص العلاج الطبيعي مثل:

• تمرين انزلاق العصب: يعمل على تحسين حركة العصب المتوسط.
• تمرين انزلاق الأوتار: يعمل على تمديد الأوتار في النفق الرسغي.
• تمديد المعصم باستخدام الأوزان: يعمل على تمديد عضلات المدنية في الساعد.

ويجب التنويه أنه من الأفضل القيام بتلك التمارين تحت إشراف متخصص العلاج الطبيعي لليد والذراع لتجنب أدائها بطريقة غير صحيحة تؤدي إلى تفاقم الأعراض.

وختاما، فإن مرض متلازمة النفق الرسغي يمكن أن يمر مرور الكرام إذا تعامل معه المريض بشكل سريع مع الالتزام بالتعليمات الطبية وتغيير نمط الحياة.

لذلك، استمع لجسمك جيداً ولا تتجاهل شكواه واعلم أن الشعور بالألم يُعتبر نعمة لأنه بمثابة جرس الإنذار الذي قد ينقذ حياتك قبل فوات الآوان.

كتبته: تقى مصطفى يس

المصادر 

• Cleveland Clinic
• OrthoInfo
• NHS
• NIH
• MedlinePlus
• Johns Hopkins Medicine
• Medical News Today
• Ministry of Health