هل تعلم أن دولة الصين الأعلى سكانًا في العالم؟ يليها جمهورية الهند، ثالثهما الولايات المتحدة، ولكن إن صح التعبير فإن إجمالي عدد مرضى السكري حول العالم يسبق الولايات المتحدة في الترتيب! نحن أمام مشكلة صحية كبيرة. يجاهد العلماء لاستخلاص أفضل العقاقير لمواجهة المرض، وتعتبر مثبطات SGLT2 آخر ما أنجزته أبحاث العلماء الحديثة.
مرض أيضي metabolic disease مزمن، فيه يحدث إما توقف البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين بقدر كافٍ أو عدم قدرة الجسم على استخدم الأنسولين الذي ينتجه، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر(الجلوكوز) في الدم (Hyperglycaemia)، مما يؤدي –بمرور الوقت- إلى عواقب وخيمة بأعضاء الجسم مثل القلب والأوعية الدموية والعينين والكلى والأعصاب.
ينقسم إلى نوعين، أكثرهما شيوعًا النوع الثاني
وكان يسمى أيضًا السكري المعتمد على الأنسولين insulin-dependent diabetes، كما كان يسمى أيضًا مرض السكري عند الأطفال juvenile diabetes. وفي هذا النوع يفرز البنكرياس كميات قليلة من هرمون الأنسولين insulin أو قد يتوقف عن الإفراز، نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا لانجرهانز: الغدد المفرزة للأنسولين، فتتسبب في تدمير هذه الخلايا ومن ثم يتوقف الجسم عن إفراز الأنسولين. ويحتاج المريض لتناول الأنسولين طيلة حياته.
وفيه لا يتمكن الجسم من استخدام السكر(الجلوكوز) بشكل صحيح مما يؤدي إلارتفاع معدل اسكر في الدم إذا لم يعالج المريض. وهو مرض يمكن الوقاية منه preventable disease. وهناك بعض عوامل الخطر التي تجعل الشخص عرضة للإصابة بداء السكري منها: السمنة، وعدم ممارسة الرياضة، وعوامل وراثية أيضًا.
اكتشاف المرض مبكرًا يجنب المريض الآثار السيئة للمرض ومن أعراضه:
أهم أعراض السكري ثلاثة أعراض وهم: 3Ps
يتم تشخيص المريض بداء السكري إذا كان مستوى سكر الجلوكوز بالدم أعلى من معدلاته الطبيعية خلال فحصين أو إعادة الفحص نفسه مرة أخرى وتظهر النتائج معدل السكر بالدم أعلى من الطبيعي.
من أمثلة الفحوصات:
وهو بالأساس يحدد مدى التزام المريض بالعلاج في الثلاثة أشهر المنصرمة. إذا بلغت نسبته 7% أو أعلى فهو مؤشر للإصابة بداء السكري
يمتنع المريض عن الطعام فترة من الوقت (6 ساعات) ثم تؤخذ عينة من دمه. إذا تخطت نسبته 126 ميليجرام/ ديسيلتر، كان ذلك دليلًا على الإصابة
علاج مرض السكري يختلف باختلاف نوع السكري الأول أم الثاني، فالنوع الأول علاجه الأول والأخير هو تعويض ما يحتاج الجسم من هرمون الأنسولين. لذلك لا مجال لأدوية، وعلى ذلك فالنوع الأول من مرض السكري خارج موضوعنا الأساس: مثبطات SGLT2، بل تقتصر فقط على النوع الثاني من مرض السكري.
قد يعتقد البعض أن الأدوية هي العلاج الأمثل لمرضى السكري من النوع الثاني ولكن يسبق هذه الخطوة خطوات أخرى يغفل عنها البعض، وفيما يلي علاج مرض السكري من النوع الثاني:
عندما تفشل وسائل تعديل عادات الطعام وممارسة الرياضة أو أنها غير كافية لخفض مستوى السكر بالدم، فسوف يلجأ الطبيب لوصف بعض العقاقير لخفض مستويات السكر بالدم، فضلًا عن وصف الأنسولين الخارجي في بعض الحالات، ولن نتحدث بهذا الصدد حاليًا. ومن أهم عقاقير السكري:
يعد الميتفورمين أول ما يوصف للمريض عقب اكتشاف المرض ويؤدي إلى:
وهو الأول من نوعه في علاج السكري عن طريق حث الكلى على التخلص من الجلوكوز الزائد في الدم في البول.
الكلى والسكري
نعلم جيدًا أن الكلى تنقي دمنا على مدار الساعة فتخرج الشوائب أو المواد الضارة وتخلص الدم والجسم كله منها بإلقاء تلك المواد في البول.
تفعل الكلى الوظيفة نفسها مع سكر الجلوكوز، فبالرغم من أن الجلوكوز مادة هامة للجسم فهو مصدر الطاقة، لكن تواجده بنسبة أعلى من معدله الطبيعي أو فائضًا عن حاجة الجسم، فتتخلص الكلى منه فورًا.
يتم إعادة امتصاص القدر الذي يحتاجه الجسم من الجلوكوز ويتخلص مما تبقى في البول.
ولكن الحال أثناء مرض السكري على النقيض، فيفوق مستوى الجلوكوز قدرة الكلى على التقاط الجلوكوز والتخلص منه، مع نجاح الكلى في التخلص من كمية غير قليلة من الجلوكوز في البول فيما يعرف باسم جلوكوزوريا glucosuria، وهي ارتفاع نسبة السكر في البول، وهي مؤشر قوي عن احتمال الإصابة بداء السكري.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يمتد ليطال الكلية نفسها أنسجتها وخلاياها ويدمر الأوعية الدموية بداخلها مما يؤدي إلى تلف الكلية ومن ثم الفشل الكلوي على المدى البعيد.
أسلفنا الذكر بأن أثر الكلى على الجلوكوز بين إعادة امتصاص والتخلص من بقيته، ولكن غاب عن العلماء آلية امتصاص الكلى للسكر، حتى اكتشفوا مادة بروتينية معينة تنقل الجلوكوز في الكلى وتسمى ناقل مشارك صوديوم/جلوكوز sodium-glucose cotransporters لتكون SGLT.
ساعد العلماء التعرف على البروتين الناقل للجلوكوز أن العملية نفسها تحدث في الأمعاء بواسطة بروتين ناقل أيضًا، ولهذا سمي البروتين الناقل المشارك صوديوم/جلوكوز بالأمعاء SGLT1، ومن ثم سمي البروتين الخاص بالكلى SGLT2.
وجد العلماء أيضًا أن الكلى تحتوي على كلا النوعين SGLT1 و SGLT2. وتتحكم SGLT2 في 90% من امتصاص الجلوكوز بينما SGLT1 مسؤولة عن امتصاص 10% من الجلوكوز.
ومن ثم توصلوا لعلة اختلاف مستوى امتصاص الجلوكوز في أنيببات الكلى، حيث يرتفع امتصاص الجلوكوز في بداية الأنيببات عن نهايتها. تكثر SGLT2 في بداية الانيببات بينما تكثر SGLT1 في نهايتها.
اكتشف العلماء مؤخرًا أنه يجب الاستفادة من هذه الآلية، فإذا انخفض معدل إعادة امتصاص السكر من الكلى، أدى ذلك –بالطبع- إلى خفض مستوى السكر بالدم. ومن هنا جاءت فكرة مثبطات SGLT2.
لن تصدق أن مثبطات SGLT2 معروفة من قبل 150 عام أي قبل اكتشاف بروتين SGLT! وكانت تسمى وقتها phlorizin. وكانت تستخلص من لحاء شجر التفاح.
اختبر العلماء تأثير الفلوريوين على مرض السكر، وقدكانت نتائجه رائعة ولكن نظرًا لبعض الآثار الجانبية التي لا يمكن تفاديها لم يطرح الدواء.
أُجريت تطورات على هذه العقاقير حتى خرج لنا أول إنتاج معتمد من هيئة الغذاء والدواء وهو canagliflozin عام 2013 ثم توالت الإصدارات.
أثبتت الدراسات أن هذا الدواء يستخدم لعلاج السكري من النوع الثاني، كما أنه أثبت فعاليته في حالات خاصة جداً:
إذا كنت مريضًا بداء السكري من النوع الأول، يحظر استخدام الدواء وكذا عقاقير خفض السكر في الدم جميعها، فالأنسولين هو العلاج الأمثل والوحيد!
إن مثبطات SGLT2 عقاقير تستخدم لعلاج النوع الثاني من مرض السكري ولها تأثير فريد من نوعه وهو أنها فعالة إذا اقترن السكري بأمراض القلب أو إذا اقترن السكري بأمراض الكلى.
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها ان تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص. بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص يجب على القارئ استشارة طبيبه لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ.
كتبته: د أميرة سامي أبوالوفا
اقرأ أيضًا:
فيروس ماربورج ما هو؟ وما علاقته بمرض الإيبولا؟
أثر موانع الحمل الهرمونية على بكتيريا المهبل
المصادر:
https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/diabet
https://www.healthline.com/health/diabetes/3-ps-of-d
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/type-2-diabetes/diagnosis-treatment/drc-20351199
https://www.kidney.org/atoz/content/sglt2-inhibitors
https://www.webmd.com/diabetes/sglt2-inhibitors-overview
https://cardiab.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12933-022-01480-1