هل تساءلت من قبل عن إمكانية وجود مرض التوحد عند الكبار؟ ذلك المرض المرتبط بالطفولة ويسبب العديد من التحديات والمشاكل السلوكية والتفاعلية.
دعني أخبرك أنه يمكن أن يستمر مع تقدم العمر و تراه في الكبار أيضاً.
في هذا المقال سوف نكتشف سوياً عالم التوحد ونتعرف على أنواعه المختلفة وأعراضه.
كما نتعرف على التحديات التي تواجه مريض التوحد وكيف يُمكن التغلب عليها ودور المحيطين في تقديم المساعدة له من أجل الانخراط في المجتمع بشكل أكبر.
هو اضطراب نمائي عصبي مزمن، يتسبب في حدوث اضطرابات في التواصل والمهارات الاجتماعية والتصرفات الشخصية.
يُطلق عليه اضطراب طيف التوحد وذلك لأنه يشمل العديد من الأنواع والأعراض التي تتفاوت حدتها من الخفيف إلى شديد الصعوبة بحسب العمر أو البيئة المحيطة.
يُصيب التوحد ١ من كل ٤٥ شخص بالغ في الولايات المتحدة الأمريكية، ويُعتبر مريض التوحد أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات العقلية والنفسية الأخرى بالتزامن مع التوحد.
عادةً ما يرتبط مرض التوحد بالطفولة، ويرجع سبب حدوثه إلى عدة عوامل منها الجينية أو البيئية.
ولكن قد يؤدي التشخيص المتأخر وعدم الاهتمام بحالة الطفل منذ الصغر إلى استمرار أعراض المرض مع تقدم العمر وظهور مرض التوحد عند الكبار الذي يتسبب في مواجهة العديد من التحديات في نواحي مختلفة مثل العمل أو العلاقات الشخصية والتفاعلات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين.
قَسم الاطباء اضطراب طيف التوحد إلى عدة اضطرابات ويتم تشخيصها بشكل منفرد وهم:
يُصنف مرض التوحد إلى ثلاث مراحل حسب حدة الأعراض كما يلي:
المرحلة الأولى: تتضمن أعراض خفيفة، ويستطيع المريض التفاعل مع الآخرين نسبياُ ولكنه يحتاج إلى الإرشاد والدعم في تكوين الصداقات وبدء المحادثات والتأقلم مع التغيرات الحياتية المختلفة.
المرحلة الثانية: يُعاني المريض من نفس أعراض المرحلة الأولى بشكل أكبر كما تتطور الحركات اللإرادية وتنحصر الاهتمامات بشكل كبير.
المرحلة الثالثة: وهي الأشد على الإطلاق حيث لا يستطيع المريض التعامل مع الآخرين ويتصف بالتصرفات الحادة وعدم فهم معنى الكلام ولا يستطيع القيام بالأنشطة اليومية بدون مساعدة.
على الرغم من عدم التوصل لسببٍ قاطعٍ لمرض التوحد بعد، إلا أنه يُرجِع الأطباء سبب حدوثه إلى عدة عوامل منها:
من أبرز السمات المميزة لمرض التوحد هو إيجاد صعوبة في التواصل مع الآخرين أو المعاملات الاجتماعية بالإضافة إلى القيام بتصرفات محددة بصفة تكرارية.
وفيما يلي نستعرض أعراض التوحد عند الكبار في جوانب مختلفة بشكل تفصيلي.
يواجه مريض التوحد بعض المشاكل والتحديات فيما يتعلق بالعلاقات والمعاملات بينه وبين الآخرين وتتمثل في:
يعاني مريض التوحد من السلوكيات وأنماط التفكير غير المرنة مما يجعله منحصراً في بعض التصرفات التكرارية والمحددة التي لا يستطيع التخلي عنها أو تغييرها، ويتضمن ذلك:
يميل مصاب التوحد إلى الاهتمام المكثف والشديد بموضوع واحد عدم القدرة على الانخراط في اهتمامات مختلفة كما يفضل القيام بالأنشطة الفردية.
يشعر بعض مرضى التوحد بالتحسس الشديد تجاه الإضاءة أو بعض الروائح، كما ينزعج بشدة عند اقتراب الأشخاص له باللمس.
ويجب التنويه أنه ليس من الضرورة ظهور جميع أعراض مرض التوحد عند الكبار على المريض، كما أن الأحداث والتغيرات الحياتية التي يمر بها على مدار سنوات عمره قد تؤدي إلى تغيير بعض الأعراض أو زيادة القدرة على إخفائها أو التأقلم معها.
يُمثل تشخيص مرض التوحد عند الكبار تحدياً لدى الأطباء نظراً لتشابه أعراضه مع أعراض اضطرابات نفسية وعقلية أخرى مثل اضطراب الشخصية الاجتنابية وغيره، ولذلك، فقد طور الأطباء اختبارات مختلفة تساعد في التشخيص الدقيق للمرض.
عادةً ما يقوم الطبيب ببعض الإجراءات للوصول للتشخيص الدقيق مثل:
ووفقاً بحث تم نشره عام 2023، فإن اختبار ADOS-2 هو أداة تشخيص قياسية ذهبية لتشخيص مرض التوحد، ولكن بسبب حداثة تلك الاداة وعدم استخدامها على شريحة متنوعة من الأشخاص، فإنها قد لا تكون معبرة عن اختلافات المجتمع التوحدي والنماذج العصبية المختلفة.
وعلى الرغم من عدم رغبة العديد في التشخيص، إلا أنه يُساعد في فهم تحديات المرض وتجنب التشخيص المغلوط كما يفتح باب البحث عن الحلول وطرق التعايش والحصول على الخدمات والتسهيلات المُختلفة المُخصصة لمرضى التوحد.
يتمثل علاج مرض التوحد عند الكبار في التغييرات والمعالجات السلوكية والنفسية حتى يستطيع مريض التوحد التعايش مع الأعراض وتخفيف تأثيرها السلبي عليه وعلى المجتمع المحيط به.
يحتاج مريض التوحد لبعض التسهيلات فيما يخص بيئة العمل وذلك عن طريق:
يلعب الدعم النفسي وتفهم المرض دوراً كبيرا في تحسن أعراض مرض التوحد عند الكبار وحالة المريض وشعوره بالقبول والتداخل في المجتمع.
قد يحتاج مريض التوحد للعلاج الدوائي بسبب بعض الحالات المرضية التي تصاحب المرض مثل مشاكل الطعام والجهاز الهضمي واضطرابات النوم وحدوث النوبات والاكتئاب.
تعرف على ٣ حالات تدفعك لاستخدام أدوية الميلاتونين لاضطرابات النوم.
يؤدي إهمال مرض التوحد عند الكبار وعدم تقديم الرعاية المناسبة للمرضى إلى ظهور بعض المضاعفات والاضطرابات مثل:
بسبب ما سبق من أعراض مرض التوحد عند الكبار، فإن مريض التوحد يتسم ببعض الصفات مثل:
وعلى الجانب الآخر، فقد يكون التوحد مصدراً للتميز إذ يتسم المريض ببعض الصفات المميزة مثل:
قد يكون التعايش مع مرض التوحد عند الكبار تحديا كبيرا في جميع جوانب الحياة سواء التعاملات الاجتماعية أو الأفكار النمطية أو حتى عدم القدرة على إظهار المشاعر.
وفي دراسة عن الخدمات والنتائج تبين أنه ٢٧% من مرضى التوحد الكبار يعانون من البطالة وأثبتت نفس الدراسة أن ٢٥% من المشاركين لم يتلقوا الدعم الكافي.
ومن أجل التعايش وتقليل صعوبات مرض التوحد عند الكبار، يمكن اتباع بعض الإرشادات مثل:
وبحسب دراسة أجريت عام ٢٠٢٠، فإن النساء تمتلك قدرة أكبر على التأقلم مع الأعراض من الرجال عن طريق إخفاء بعض الحركات اللاإرادية وإخفاء المشاعر والهدوء.
وتم تحديد اليوم الثاني من أبريل من كل عام ليكون اليوم العالمي للتوحد من باب المشاركة المجتمعية بين جميع الفئات وسعياً لزيادة الوعي المجتمعي بطبيعة المرض وأعراضه وكيفية تقديم الدعم اللازم لمريض التوحد.
يُشكل مرض التوحد عند الكبار تحدياً للمريض ولمن حوله، ولكن على المجتمع توفير بيئة ودودة لهم من أجل تعزيز الشعور بالقبول والتركيز الصفات الإيجابية والاستفادة من نقاط القوة لضمان الانخراط في المجتمع بشكل أفضل.
يتحقق ذلك بزيادة الوعي الفردي والمجتمعي بأعراض المرض بضرورة التشخيص المبكر للمرض للحفاظ على جودة حياة عالية ويكون المرض دافعا للتميز.
كما يجب علينا تقبل حقيقة أننا مختلفون، والاختلاف لا يعني النقص أو الإعاقة، ولكنه يعني اننا نكمل بعضنا بعضا وأن ولكل منا قدراته المختلفة المميزة.
كتبته: تقى مصطفى يس