يعد مرض كرابي من الأمراض الوراثية النادرة، ويحدث نتيجة خلل في التمثيل الغذائي، ويظهر على هيئة تراكم كميات هائلة من الدهون على رأسها الزيوت؛ مما يتسبب في تدمير أنسجة وخلايا المخ.
يتسم داء كرابي بوجود نوعاً محدداً من الخلايا تسمى(Globoid cells) ويتميز هذا النوع من الخلايا عن غيره بوجود أكثر من نواة بداخله؛ تلك السمة التي تساعد على تحطيم الطلاء المبطن للمايلين.
ينقسم المرض إلى ثلاثة أنواع أساسية وفقاً لوقت ظهور الأعراض، وهي مرض كرابي للأطفال والصبيان ومتأخر الظهور، على الرغم من اختلاف الأعراض بين كل نوع؛ إلا أن التدمير الذي يسببه هذا المرض في خلايا المخ يظل هو العامل الرئيسي وراء ظهور جميع الأعراض.
يعد مرض كرابي للأطفال هو أكثر الأنواع شيوعاً، وتتراوح مدة ظهور الأعراض ما بين عمر الستة أشهر إلى عمر الأربعة أعوام؛ لكن تزيد احتمالية ظهور الأعراض أكثر عند الفئة العمرية الأقل من عام، تنقسم أعراض هذا المرض إلى ثلاث مراحل مختلفة بناء على درجة خطورة الأعراض.
يحدث داء كرابي عند الصبيان بعد عمر الأربع أعوام؛ وتتشابه أعراض هذا المرض مع أعراض المراحل المتقدمة من مرض كرابي عند الأطفال، وتظهر على هيئة:
يتسم هذا النوع من داء كرابي بظهور أعراضه عند هؤلاء الذين تجاوز عمرهم الستة أعوام، ويتعرض أطفال تلك المرحلة إلى تدهور شديد عقلياً وفيسيولوجياً، وتظهر أعراض تلك المرحلة على هيئة
يعد العامل الوراثي هو العامل الأساسي بل الوحيد وراء الإصابة بمرض كرابي، ويحدث من خلال الطفرة الجينية التي تحدث في جين يُسمي بجين GALC والجدير بالذكر بأن هذا الجين هو من الجينات المتنحية؛ لكي تنتقل الطفرة التي تحدث به من الأباء إلى الأطفال؛ ينبغي أن يحمل الأباء نسخة من هذا الجين.
تعد ندرة إنزيم Galacerebrosidase من أبرز الانعكاسات السلبية الناتجة عن الطفرة الجينية التي تحدث في جين GALC؛ لأن هذا الأنزيم يساعد الجسم على التخلص من عنصر Galactocerebroside؛مما يساعد على حماية المايلين من التحطم؛ من هنا يُأتي السبب وراء انحسار جميع أعراض داء كرابي في الجهاز العصبي المركزي.
لا تستخدم الفحوصات التقليدية مثل فحص صورة الدم الكامل وتحليل البول في تشخيص داء كرابي؛لأن مثل هذه الفحوصات لا تساعد على معرفة التغيير الذي يحدثه هذا المرض داخل الخلايا تحديداً خلايا كريات الدم البيضاء.
يتناسب مدى نشاط انزيم GALC عكسياً مع احتمالية حدوث المرض،وأشارت بعض الكتب العلمية بأن النسبة الطبيعية لنشاط الإنزيم تتراوح ما بين صفر إلى خمسة بالمئة،لكن يبقى هذا الفحص غير كافياً للتمييز بين حاملي المرض(احادي الجين) أو المصابين الفعليين.
يساهم هذا التحليل في التمييز بين الحاملين للمرض و المصابين الفعليين، بل يُساعد ايضاً على تحديد المرشحين لإجراء فحوصات ما قبل الولادة؛ حتى يتمكنوا من معرفة مدى احتمالية انتقال هذه الصفة الوراثية إلى حديثي الولادة.
يلعب هذا التحليل دوراً هاماً في تشخيص مرض كرابي؛ إذ يساهم في قياس بعض البروتينات مثل الألبيومين و الألفا 2 جلوبيولين؛ التي تتزايد بنسب عالية عند الإصابة بداء كرابي تحديد مُبكر الحدوث.
هل يوجد علاج لمرض كرابي؟
فشلت الأبحاث العلمية حتى الآن في التوصل إلى علاج نهائي لداء كرابي، ويبقى الهدف الأساسي من العلاج هو تقليل معدلات التدهور، ويتضمن علاج داء كرابي استراتيجيتين رئيسيتين هما العلاج بزراعة الخلايا الجذعية المكونة للدم وعلاج الأعراض المصاحبة للمرض.
تساهم تلك الاستراتيجية في تقليل معدلات التدهور؛ إذ تًستبدل خلايا المخ التالفة بخلايا طبيعية وانزيم GALC أكثر كفاءة، وتصبح هذه الاستراتيجية أكثر فعالية؛ إذ طًبقت مبكراً أي فور التشخيص وقبل ظهور الأعراض.
تدخل تلك الاستراتيجية كعاملاً مساعداً في علاج داء كرابي إلى جانب زراعة الخلايا الجذعية، لكن لا تُمثل النسبة الأكبر في العلاج، ويتمحور دور تلك الاستراتيجية في مساعدة المصابين على التغلب على الأعراض التي تؤثر سلبيا على جهازهم العصبي، ويتضمن استخدام العلاجات التالية
تمثل نوبات الصرع أكثر أعراض داء كرابي خطورة؛ إذ يتعرض المصاب الى فقدان كامل في الوعي ونشاط مفرط في جميع أعضاء الجسم أبرزها القلب والمخ؛ مما يؤثر سلبياً على الوظائف الحيوية للجسم؛ مما يعرض حياة المرضى للخطر.
قد يتسبب التدمير الذي يحدثه مرض كرابي لخلايا المخ في إتلاف مركز البلع المتواجد في المخ؛ مما قد يعرض المريض إلى سوء التغذية؛ تلك الظاهرة قد تكون أكثر خطورة على حياة المرض من المرض ذاته، وتحتوي التغذية المعوية على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها المريض للقيام بوظائفه الحياتية.
تزيد أهمية تلك الأدوية في المراحل المتأخرة من مرض كرابي؛ إذ تحد تلك الأدوية من التقلصات الشديدة التي يتعرض لها المريض، و فقدان القدرة على تحريك جميع العضلات الإرادية، بالإضافة إلى ظهور بعض أعضاء الجسم مثل الذراعين والقدمين والرقبة في أوضاع غير صحيحة.
تظهر أهمية تلك الاستراتيجية في العلاج عند المصابين بمرض كرابي متأخر الحدوث؛ إذ يشعر المصابين بالاختلاف والاعاقة مقارنة بالأشخاص الطبيعيين، من هنا يبرز دور المتخصصين في هذا النوع من العلاج؛ إذ يساعدون مصابين تلك المرحلة على التأقلم والانخراط ، داء كرابي ضمن الأمراض التي ينبغي أن تخضع الفحوصات الروتينية للأباء قبل الولادة والأطفال فور الولادة؛ حتي تُوضع الخطة العلاجية مبكراً؛ مما ينعكس اجابياً على حياة المرضى نفسياً وفيسيولوجياً.
الملخص
يندرج مرض كرابي تحت مظلة أمراض الطفرات الجينية النادرة، التي تؤثر جميع أعراضها على الجهاز المركزي سلبياً، على الرغم من عدم قدرة الباحثين في إيجاد حل جذري للتعامل مع هذا المرض؛ الا ان التشخيص المبكر للأعراض يبقى هو المعيار الذهبي؛ لزيادة كفاءة حياة المرضى.
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها أن تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المعالج، ذلك بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص.
يجب على القارئ استشارة طبيبه، لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ
كتبه د.محمد تاج الدين