لِم الملاريا! أين نحن منها؟! وأسئلة أخرى تحمل نبرة التهكم ذاتها، لأننا نظن أن الملاريا مرض قديم وبعيد. وإليك الحقيقة الصادمة، فعدوى طفيل الملاريا تهدد نصف سكان العالم. وإن كنا نبعد –قليلًا- عن مواطنها، فما زالت تمثل لنا تهديدًا ولغيرنا من دول العالم دون تمييز بين الغني والفقير منها. ذاك ما يزعج منظمة الصحة، فهل يقضي لقاح الملاريا الجديد على تلك المخاوف؟
الملاريا- بلازموديوم- أنثى بعوضة الأنوفيليس- الاسبوروزويتات- الميروزويتات- PCR- مكافحة الناقل- الوقاية الكيميائية- اللقاح الأول- لقاح الملاريا الجديد.
أكدت الدراسات والأبحاث أن مرض الملاريا يمكن القضاء عليه كما أنه يمكن الوقاية منه، ولكن إلى الآن لا تزال الملاريا تحصد عشرات الآلاف سنويًا من الأرواح وخاصة الأطفال. كما أن معدل الإصابة بها ما زال مرتفعًا ليس بإفريقيا فقط بل في أنحاء كثيرة بالعالم، بل إن الدول التي تصرح بأنها خالية من العدوى، تعود بعد سنوات وقد ظهر بها حالات جديدة.
وذلك هو الدافع وراء تطوير لقاح الملاريا الجديد، ولك أن تعلم أن اللقاح الحالي لا زال جديدًا ولكنه حقق نجاحًا بنسبة 30% فقط. حتى مطلع عام 2023 حين أُعلن عن لقاح الملاريا الجديد وهو يعد بنتائج مبشرة خلال السنوات القادمة، وأن منظمة الصحة العالمية تأمل في القضاء على الملاريا نهائيًا باستخدام اللقاح الجديد بحلول 2030.
يتعين علينا –أولًا-أن نتعرف على الملاريا ومسبباتها وطرق انتقالها قبل أن نبحث لقاح الملاريا الجديد!
عدوى الملاريا إحدى أخطر الأمراض وأشدها فتكًا، يسببها طفيل عادة ما يصيب نوع معين من البعوض الذي بدوره يتغذى على دم الإنسان. ما إن يصاب المرء بالملاريا حتى تتدهور حالته الصحية سريعًا. يصاب المريض بالحمى الشديدة والرعشة بالإضافة إلى أعراض تشبه الإنفلونزا.
وللملاريا أنواع خمسة هم:
كلا المتصورتين المنجلية والبيضوية تسببان العدوى في البشر
وأخطر الأنواع –المتصورة المنجلية كما إنها الأكثر شيوعًا في إفريقيا، ومن ثم إذا لم يعالج جيدًا قد يؤدي إلى الوفاة، رغم كونه قابلًا للعلاج وكذلك الوقاية. فيما أن المتصورة البيضوية تشيع في الأماكن خارج الصحراء الإفريقية.
تعتبر المتصورة النوليسية النوع الذي يصيب الحيوان وومنه يصاب الإنسان فهي حيوانية المنشأ ” zoonotic”.
وفقًا لآخر تقرير عالمي للملاريا: ما لا يقل عن 247 مليون حالة ملاريا في عام 2021 وهي نسبة أعلى من سابقتها لعام 2020 والتي كانت حوالي 245 مليون حالة. كما بلغت أعداد الوفيات الناتجة عن الإصابة بالملاريا 619 ألف حالة وفاة وهو أفضل من أعداد الوفيات لعام 2020 حيث بلغت 625 ألف حالة أغلبها من الأطفال.
تحتل أربع دول إفريقية أكثر من نصف حالات الوفاة الناتجة عن الملاريا تكون في أربع دول إفريقية على الترتيب: نيجيريا بنسة 31.3%، والكونغو بنسبة 12.6%، وتنزانيا بنسبة 4.1%، وأخيرًا النيجر بنسبة 3.9%.
الأطفال الأكثر عرضة للإصابة خاصة أقل من سن 5 سنوات. كما أن المرأة الحامل كثر عرضة من غيرها وكذلك المصابين بأمراض مزمنة شديدة مثل مرضى الإيدز. كما أن المسافرين من وإلى المناطق المتوطنة للمرض، وهم سبب انتشار العدوى خارج إفريقيا.
قد تتسبب في تدهور حالة المريض في أقل من 24 ساعة وقد تودي بحياة المريض سريعًا، ما لم يتلق المريض علاجًا فعليًا.
ينشأ المرض إثر لدغة من أنثى بعوضة الأنوفيليس المصابة؛ لتضخ البلازموديوم Plasmodium أو المتصورة إلى مجرى الدم على هيئة sporozoites سبوروزويتات. ترتحل الإسبوروزويتات قاصدة الكبد لتتكاثر لاجنسيًا في فترة من 7-10 أيام، لتبدأ مرحلة الميروزويتات merozoites.
تنطلق الميروزويتات من الكبد مرورًا بالقلب إلى الشعيرات الدموية بالرئتين على هيئة حويصلات vesicles، حينئذ تتحرر الميروزويتات لتدخل مجرى الدم لتغزو كرات الدم الحمراء، ومن ثم تتكاثر داخلها، مما يؤدي إلى انفجار الكريات الحمراء المصابة لتطلق مزيدًا من الميروزويتات ويتكرر الأمر مرارًا!
تظهر الأعراض خلال فترة من 10 أيام إلى 15 يومًا إثر لدغة أنثى بعوضة الأنوفيليس، وتتمثل في:
وقد تتفاقم الأعراض لتكون أكثر شدة مثل:
لا زالت مصر مشمولة برعاية الله وحفظه من أفتك الأمراض، حيث يتجلى لطف الله بمصرنا الحبيبة عندما تعلم أنه يفد إلى مصر ملايين الزائرين من الدول التي تعج بالملاريا، ومما يزيد دهشتك أن مصر تضم عدًدا من أنواع بعوض الأنوفيليس الناقل للملاريا. ولكن تعتبر مصر من الدول التي تخلصت من الملاريا خلا حالات قليلة قد ترصد سنويًا نقلها الوافدون إلى مصر على الأغلب.
يمكننا القول أننا تخلصنا من الملاريا بعد صراع طويل معها في الماضي فقد فتكت بالمصريين في العهود السابقة آخرها عام 1945، بل يمتد تاريخ مصر مع الملاريا إلى مصر القديمة (مصر الفرعونية) حيث وجدت نقوش على جدران المعابد تقص مراحل تطور المرض الذي فتك بالكثير من المصريين القدماء. بل إن إحدى الدراسات المقامة على مومياء الملك توت عنخ آمون –تفيد بأن سبب وفاته كان “الملاريا”!
التشخيص
سرعة اكتشاف المرض ورصده يؤدي إلى سرعة تلقي العلاج ومن ثم يرفع من نسب الشفاء .
تتعين خطة العلاج حسب ما يلي:
الملاريا مرض يمكن الوقاية منه بُناء على أربعة محاور رئيسة وهي:
ويتمثل في مكافحة البعوض الناقل للعدوى Anopheles mosquitoes بتوفير المبيدات الحشرية للحد من انتشار البعوض وتكاثره
وهو أمر هام وحيوي للمسافرين للأماكن المتوطنة للملاريا، حيث يتلقى المسافر علاجًا لتجنب الإصابة أو الحد من مضاعفات المرض على أقل تقدير.
تلقي نظام علاجي كامل للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة
تمكن الباحثون من تطوير لقاح ضد الملاريا ويسمى RTS,S يتلقاه الطفال في الأماكن التي قد ترتفع بها معدلات الإصابة. وقد كان لذلك المصل فضل كبير في الحد من عدوى الملاريا الفتاكة بين الأطفال.
يعد اللقاح إنجازًا عظيمًا إذ إنه اللقاح الأول لمكافحة الطفيليات عمومًا، وجاء بعد طول انتظار دام 30 عامًا!
أنتجته شركة جلاكسو وهي من وعدت بتوفير جرعات ضخمة سنويًا تبلغ 18 مليون جرعة لتحصين الأطفال قبل غيرهم.
يعمد اللقاح إلى استهداف جزء من البروتين المحيط بالإسبوروزويتات، ليقوم الجسم بتكوين أجسام مضادة لهذا البروتين، وعليه يصير الشخص قادرًا على التخلص من طفيل الملاريا قبل اجتياحه لكريات الدم الحمراء
يظهر اللقاح كفاءة تبلغ 50% في السنة الأولى لتقل في السنوات التالية.
عيوبه
مر اللقاح الأول للملاريا بمراحل ثلاث على مدار السنوات القليلة الماضية، حتى خرج لنا في إبريل الماضي (إبريل 2023) لقاح الملاريا الجديد آخر ما توصل إليه العلماء من جامعة أوكسفورد ببريطانيا وبمساعدة هندية أيضًا، والذي حاز على حفاوة شديدة، واعتماد أيضًا للاستخدام في دولة غانا.
ملخص المقال
الملاريا مرض خطير ولكن يمكن القضاء عليه، لذا لن تتوقف محاولات تطوير اللقاحات واستخلاص أفضل نسخة منها بحيث تكون أكثر فعالية وأقل تكلفة وذات أثر يدوم طويًلا؛ لتستحق أن تكون لقاح الملاريا الجديد والفريد!
المعلومات الواردة في هذا المقال ليس الغرض منها ان تكون بديل عن العلاج الطبي من قبل الطبيب المختص. بسبب اختلاف الاحتياجات الفردية لكل شخص يجب على القارئ استشارة طبيبه لتحديد مدى ملائمة المعلومات لكل قارئ
كتبته: د أميرة سامي أبوالوفا
اقرأ أيضًا:
فيروس ماربورج ما هو؟ وما علاقته بمرض الإيبولا؟
ما هو ريجيم البحر المتوسط لصحة القلب؟ وما مكوناته وآثاره؟
فرط الحركة وتشتت الانتباه عند البالغين || ما هو؟ وما أعراضه؟ وطرق علاجه؟
المصادر